الصورة الفوتوغرافية .. تتجاوز الواقعية إلى التجريد والخيال

يبحث الفنان الفوتوغرافي كغيره من الفنانين عبر ذلك النص البصري ومن خلال أدواته وخبراته عن أسلوب ينقل الفكرة التي تدور في ذهنه وتشغل تفكيره، وينطلق من الواقع الذي أمامه فيختار الزاوية والتوقيت الذي يغير ويضيف أبعادا فلسفية وثقافية للعمل الإبداعي، الكثير من الصور الفوتوغرافية ليست سوى تسجيل للحظات التي تمر أمام العين فيسجلها المصور وينقلها للجمهور دون أي إضافة إبداعية،



فيترك للكاميرا التحكم في كل المدخلات ويقف خلف العدسة ليضغط على الزناد ويوقف الزمن لتخرج الصورة خالية من أهم الجوانب والأسس التي يجب أن تتوافر في العمل الإبداعي، لكن الفنان الذي يحترم إبداعه ويسعى لتقديم نماذج تحمل بين تدرجاتها اللونية معاني جديدة وإضافات مبتكرة من خلال النظر في كل جزء من أجزاء الصورة ومدى ملاءمته للموضوع وكيف يمكن أن يخدم الهدف من تلك اللقطة ففي تلك الحالة يقدم الفنان عمله ورؤيته بالظل واللون ومن أجل ذلك بدأ في البحث عن أساليب جديدة مستمدا ذلك من المدارس التشكيلية فنطلق من الواقية الكلاسيكية التي تعتمد على نقل الواقع كما يشاهده دون تغيير أو تبديل، فالمصور يسجل ما تراه العين كالمناظر الطبيعية أو عادة من العادات أو حادثة من الحوادث، أو غير ذلك. وغالبا لا يكون للفنان فلسفة معينه للموضوع غير المعاني المباشرة التي تدل عليها الصورة، ويكمن إبداع الفنان في اختيار الزاوية والقدرة على التكوين الجيد لعناصر الموضوع والاستخدام الأمثل للإضاءة فيبرز بذلك الناحية الجمالية التي تجذب النظر، وهذا الأسلوب من السهل الممتنع لأن إخراج صورة جاذبة للمتلقي ليست بالأمر السهل، وكثير من الفنانين العالميين يتعاملون مع هذا الأسلوب.

ومن الأساليب كذلك الأسلوب التجريدي وفيه يقوم الفنان بتكوين الصورة من خلال عناصر لا تشابه الواقع من حيث الشكل، وقد تكون مستمدة من الطبيعية المباشرة بالبحث عن تفاصيل دقيقة لا تقع عليها العين، وفي هذا الأسلوب يستخدم العلاقات الشكلية بين المسافات والخطوط والألوان ليجعل من هذه الأشياء مادة فنية تخلق انسجاما واستجابة جمالية لدى المشاهد أو تثير تساؤلا لدى المتلقي أو يهدف منها لإيصال فكرة معينة يريد أن ينقلها للجمهور، والفنانون الذين يتعاملون مع هذا الأسلوب كثيرون وخصوصا المعاصرين الذين يبحثون عن الفن الحديث.

أما الأسلوب التعبيري ففيه يقوم الفنان بتشكيل يعبر عن أحاسيسه الداخلية، وليس بالضرورة أن يكون هذا التشكيل مطابقا للواقع لكنه يثير إحساسا مشابها لما يشعر به ويعمل ذلك من خلال عدسته حيث يرتب العناصر ويجمعها في المجال البصري، ويتلاعب المصور الفوتوغرافي بالإضاءة أو تدرج الألوان أو اختيار التعريض المناسب للفلم أو استخدام عدسات تبالغ في إظهار الغموض أو القلق أو الخوف أو الفرح، وكذلك يستفيد من المرشحات " الفلاتر" التي تعطي أشكالا وألوانا لتخدم موضوعه من الأساليب كذلك الأسلوب الخيالي حيث يقوم الفنان الفوتوغرافي باستلهام الطبيعة وجعلها مثالا واقعيا خياليا من تصوراته ليعبر عما يشعر به وكأنه يريد أن تكون الطبيعة التي يصورها هي الحياة التي يعيشها وهي المثل الأعلى. وفي هذا الأسلوب يعتمد الفنان على حسن استخدام أدواته من عدسات ومرشحات وإضاءة وغيرها.

هذه بعض الأساليب التي يستخدمها الفوتوغرافيون ورغم التباين بين هذه المدارس إلا أن الفنان يجب أن يتجاوز مثل هذه التصنيفات ويتخطى تلك الحواجز ويجعل هذه الأساليب تخدم هدفه الذي يبحث عنه، فالأسلوب التعبيري لا يؤدي ما يؤديه الأسلوب الواقعي والعكس صحيح.

أحمد الدهلاوي من الرياض
aleqt.com